[B]
استثار مقال الأسبوع الماضي ردود فعل متباينة لدى القراء، معظمها مؤيد، قليل منها غاضب، وبعضها مطالب بسرد إيجابيات بلادنا كما سردنا سلبياتها. وجدتها فكرة رائعة، وحتى أكون منصفة وعادلة سأدوّن ما نفخر به في بلادنا، وإن سهوت أو أغفلت، فعقل القارئ كفيل باستكمال ما قصّرت فيه:
بلادنا جذورها تمتد لما قبل التاريخ، هي أم الشمس وشقيقة الجمال، نورها دائم وأشعتها باسقة. لدينا كل شيء، خير الأراضي نسكنها، أخصبها وأدفاها، لدينا كل ثروات المعمورة.. فلنبحث فيها، علنا نجد ما يعطينا الآمال.
في بلادنا هبط الوحي ووُلد الأنبياء، وخصّها الله تعالى برسالاته، وعليها كانت تسبّح الملائكة على العالمين.
في بلادنا انبثق أول قانون للبشرية، ووُلدت أول كلمة، ونما الحرف وظهرت الأبجدية.
في بلادنا صدحت قصائد أجمل شعراء العالم.
في بلادنا تربّعت أول امرأة في التاريخ على عرش دولتها لتنصَّب كأول ملكة.
في بلادنا عرف الإنسان الشدو، وفي أجوائها انطلقت أول معزوفة من قيثارة سومرية، فنحن فقط من غمس الصوت بالكلمة باللحن، ومنا عبرت الأغنية إلى الكوكب.
في بلادنا مخرت سفينة إنقاذ البشرية، وانتصر الإنسان على الطوفان، ومنها أعاد مجد عامورة وسدوم، وفيها شهقت الجنائن المعلقة الى السماء.
في بلادنا ظهرت أول دروس الفلسفة، والكيمياء، والفيزياء، والجبر.
في بلادنا أنشئت أول عاصمة في التاريخ ومازالت.
في بلادنا أول مكتبة في العالم.
في بلادنا ظهر أول علاج وأول دواء، وكنا أول من فهم علوم التحنيط والتشريح.
في بلادنا ظهر أول من صاحب القمر والنجوم، ودرس الفلك، وأهدى العالمين إلى المجرات.
في بلادنا ظهرت الأهرامات، بسحرها وغموضها وإعجازها، هنا عرف البشر الزراعة وشق السواقي وعمر الوديان وأخضرّت بكفه السهول.
هكذا إذا وجدت نفسي أخط أحرفي بلوعة الـ«كان» وأفعالها المبهرة، واكتشفت أني أحكي بلسان من انتقدهم أولئك الذين يتغنون بالماضي ويعيشون على أمجاده (وأحيانا يزورونه)، لأن في بلادنا فقط، لا يوجد ما نفخر به في حاضرنا، ناهيك عن غموض مستقبلنا.
لكن بالرغم من كل سيئاتنا، ما زلنا نملك قلوبا رحيمة وأواصر متينة وروابط عائلية صلبة، وما زال لدينا أحضان أمهاتنا نلجأ إليها كلما لوَّعتنا الغربة التي نعيشها في أوطاننا، فلا يجدن طريقة للتخفيف من وجعنا سوى إطعامنا من طبخ أياديهن أكلاتنا المفضلة متبلة ببهارات الحنان. ولازالت أرواحنا تنتشي بشهامة ونخوة يصعب مجاراتها في أي بقعة في العالم. ومازال هناك من نتكئ عليه لو جارت علينا الأيام.
وفي بلادنا مازالت هناك أمهات يقدّمن أرواح أبنائهن فداء للوطن ولاتزال زغاريد الشقيقات يودّعن الأخ في أعراس الشهادة.. ومازالت أرض بلادنا تسقى بدماء أبنائها توقاً للحرية.
بلادنا جميلة، وستكون أجمل وأبهى وأرحم بأبنائها لو أزيلت عنها قبضات الطغاة، وقطعت عنها أكفّ الفاسدين، وتكسّرت قضبان السجون وتحررت طيورها وعمّرناها بالفرح والحب والحرية.
دلع المفتي
[email]d.moufti@gmail.com[/email]
dalaaalmoufti@
[COLOR=#130AED]منقول من صحيفة القبس الكويتية[/COLOR]
[/B]