[COLOR=#2719E9][B]
كانت هدايا "بابا نويل" الأسدي لأطفال سورية في العيد صواريخ يرسلها من طائراته التي علاها الصدأ، وقذائف من دباباته التي حرثت سهول حوران وإدلب وحمص.. واستكمالا لمفاجأته التعيسة قرر الوثوب إلى شاشة "الدنيا" التي لها من اسمها كل النصيب دون لحية بيضاء و"بالطو" أحمر، شاحبا مهزوزا.. يحاور نفسه ويرسل الأسئلة والإجابات على طريقته المملة في شرح المشروح وتفسير المفسر، في وصلة لغوية ثقيلة الوطء فارغة المضمون بعد أن توارى "شبيحته" الإعلاميون أمام قوافل الشهداء وسواقي الدم التي أطلقها أشاوسة المغاوير على كامل التراب الشامي.
الرئيس المحاط بالعزلة، والخوف المدجج بالمجازر، المحاصر بالثوار.. يطل وحيدا، مرتبكا، زائغ النظرات من قصره الجمهوري.. محاولا إعادة تأهيل أنيابه ومخالبه، مندفعا في ترويج فكرة المؤامرة الكونية التي لا تعشش الإ في ذهنه العصابي، في زمن ينتظر العالم سقوط نظامه والقبض عليه كخبر عاجل.
لم يقتنع الديكتاتور وعلى نهج سابقيه بأداء أبواقه، فقرر التصدي لمهمة غسل دماغ الكون، فيما كان المذيع مجرد آلة تسجيل شحنت بما يريد قوله في "المسرحية المقابلة" التي ضحك منها المشاهدون بدموعهم.
وفي سيرة الطغاة تقول التجارب القريبة إنهم يظهرون خلال الأيام الأولى للثورات عليهم؛ ليخاطبوا العالم عبر الملتقيات العامة المفتوحة، وقاعات الاجتماعات الوثيرة المليئة بالموالين والخائفين ورجال الاستخبارات، ثم بعد اشتداد الثورة عليهم ينزوون في قصورهم مقننين إطلالاتهم بسبب الترتيبات الأمنية.. بعد ذلك يلوذون بمخابئهم السرية مرسلين تسجيلاتهم الصوتية التي لن يتذكرها أحد، ويختفون إلى أن يتحول مشهد القبض عليهم إلى بث مباشر تتسابق عليه القنوات الفضائية.
وإلى تلك اللحظة الفارقة التي انتظرتها سورية طويلا يمكن للإنسانية تحمل تلك الابتسامة السكينية، واللثغة المستفزة، وماكينة التفسيرات الماورائية التي ينتجها خيال الديكتاتور الذي تفسخ نظامه مثل جيفة، حينذاك حق للأمهات الثكالى مواراة جثامين أبنائهن بما يليق، دون طائرات تناست جولانها المحتل، ودون دبابات وجهت فوهاتها المعطوبة إلى القرى والبساتين والأطفال.
سامي الفليح [/B]
[/COLOR]