[B]
خلف الحربي
لسبب ما نصر أن نعيش خارج هذا الكوكب، نتعامل مع الأزمات وكأنها مشاكل شخصية لم يجربها غيرنا، نبدي تفاعلا عجيبا مع القضايا التي تشغل الرأي العام ولكنه تفاعل (لغوي) فقط حيث نزايد على الجميع في غضبتنا المضرية، ورفضنا القاطع للأخطاء، ونشكل لجان التحقيق، وتعلو أصوات كتاب الصحف، وتشتعل هاشتاقات تويتر ثم ينتهي الأمر، ويذهب كل شخص إلى بيته، وينتهي الأمر وكأن شيئا لم يحدث .
نسأل أنفسنا حين تحدث أي أزمة: هل المطلوب أن نغضب ؟ ها نحن غاضبون جدا، وسنغضب أكثر إذا احتاج الأمر مزيدا من الغضب، ومع مرور الأيام يتلاشى الغضب، وتهدأ النفوس، وتتبخر الأزمة من ذاكرة الناس ليدخلوا في قصة جديدة، وغضب جديد !.
المسألة لا تحتاج كل ذلك فدول العالم كلها تمر بمثل هذه المشاكل، وحدوث الأخطاء من طبيعة البشر، ولكن الحل الذهبي المجرب في كل مكان هو أن يستقيل المسؤول عن الخطأ، ويأتي شخص آخر مكانه، ويبدأ التجديد وتصحيح المسار ! .
لن نضيف جديدا لو قلنا إن تغيير المسؤولين أو تدويرهم أو الاستفادة منهم في مواقع مختلفة يعطي حيوية غير عادية، ويصحح الكثير من الأخطاء المتراكمة، ويحسم القضايا العالقة. فبقاء الأمور على حالها يصنع شعورا عاما بأن الأخطاء أصبحت جزءا من العادات والتقاليد، لذلك نسمي كل هذه الغرائب في حياتنا ( خصوصية ) و تتولد في نفوسنا رغبة عجيبة بالدفاع عن هذه الخصوصية بشراسة، وليس لذلك سوى نتيجة واحدة نشاهدها اليوم حيث تقدمت علينا دول لم نكن نتخيل قبل 20 عاما أنه يمكن مقارنتها بنا، ولكننا اليوم نستحي أن نقارن أنفسنا بها ! .
ترى كم وزير حدثت في وزارته كارثة ليس لها علاج إلا خروجه من الوزارة كي يفهم الوزير المقبل وطاقمه أن مثل هذا الخطأ لا يحتمل التكرار، وكم أمين مدينة حدثت في عهده كارثة بسبب الفساد، وسوء الإدارة وكان في خروجه حلا ذهبيا لتصحيح الوضع، وكم مسؤول تسببت قراراته الخاطئة أو إتكاله على موظفين غير أكفاء في حدوث مشاكل مستعصية ولم يكن ثمة حل لهذه المشاكل سوى إقالته، ولكن هذا لم يحدث إلا في أحوال نادرة جدا، لذلك تتراكم الأخطاء، ويتسرب الإحباط في النفوس، وتتعايش المؤسسات مع الحال المائل، ويفقد الموظفون روح المبادرة، ويشعر المواطنون بحالة اللا جدوى .
استقالة المسؤول أو إقالته إن لزم الأمر ليست إهانة له، بل هي رسالة عنوانها أن مصلحة الوطن والناس أهم من أي شخص كان، ونحن اليوم نعيش في زمن مختلف عن ذلك الزمان الذي نظن فيه أن هذا القطاع أو ذاك لا يمكن أن يديره إلا هذا الرجل فمثل: (ما في هالبلد إلا هالولد) هو الذي يجعلنا واقفين على رصيف العصر بينما غيرنا قد مضى قطاره بسرعة البرق، وما يزيد الطين بلة فوق كل هذا البلل أن المسؤول في بعض الأحيان يكون راغبا في الاستقالة لشعوره بعدم القدرة على العطاء ولكن ( الخصوصية ) تمنعه من ذلك فيواصل أخطاءه بكل همة ونشاط ! .
[COLOR=#0C3AF0]klfhrbe@gmail.com [/COLOR]
[/B]