[B]هُنَاك شَخصيّات مِن غَير اللَّائِق أن يَتجَاهلها المَرء، أو أن يُؤخِّر الكِتَابة عَنها، ومِن هَذه الشَّخصيّات الإعلَامي القَدير؛ والصَّديق الكَبير «قينان الغامدي»..!
وإذَا صَحّ المَثَل المِصري القَائل: «مَا مَحبّة إلَّا بَعد عَداوة»، أو صَحّ بيت الشَّاعر «جميل بثينة» حِين قَال:
وَأَوَّلُ مَا قَادَ المَوَدَّةَ بَيْنَنَا
بِوَادِي بَغيضٍ يا بُثَيْنَ سِبَابُ
وقلنا لها قَوْلاً فجَاءَت بمثلهِ
لكلِّ كلامٍ يا بُثَيْنَ جوابُ
إنْ صَحّ ذَلك فإنَّه يَصحُّ عَلى طَريقة تَعرُّفي عَلى الحَبيب «قينان الغامدي»..!
أتذكَّر في حدود عَام 1416هـ؛ كَان «قينان» رَئيساً لتَحرير جريدة «البلاد»، ثُمَّ اختَلفتُ مَعه في قَضيّة صَحفيّة لَم أعُد أتذكّرها، فغَضبتُ مِنه، وأرسلتُ لَه رسَالة شَديدة اللَّهجَة، قَويّة اللفظَة، فردَّ عَليَّ بكُلِّ لُطفٍ، ودَفعني بالتي هي أجمَل وأفضَل وأكمَل.. مُنذ تِلك الحَادثة؛ اعتبرتُ أنَّ «قينان» قَد سَجَّل الهَدف الأوَّل في مَرماي..!
بَعدها انتقلتُ إلَى جُدَّة، بضَم الجِيم، وأصبَح «قينان» ممَّن أشرُف بلَقائِهم كُلّ ثُلاثَاء؛ في مَنزل صَديقنا المُشتَرَك الحَبيب –ليس «الحبيب بورقيبة»- وإنَّما الحَبيب «محمد سعيد طيّب»..!
لنَعُد إلى «قينان» الصَّحفي العَريق، الذي أعتَبره المُؤسِّس الحَقيقي للصَّحافة الجَديدة في السّعوديّة، فقد استَلَم جريدة «البلَاد» وهي في النَّزعِ الأخير، فأدخَلها غُرفة الإنعَاش، وجَعلها صَحيفةً تُقرأ، ثُمَّ استَلَم دفّة جريدة «الوَطن»، وجَعلها في أُولَى دَرجات سلّم الصَّحافة الخَليجيّة؛ مِن حَيثُ قوّة الطّرح، وقلّة الشّحوم والزَّوائد المَدحيّة، وصنَاعة المَادة المُبتكرة للزوَايا، والأبوَاب المُصنّفة وَفق أفضَل التَّصنيفات..
وكَانت «الوَطن» عَلى يَد «قينان»؛ قَد خَرجَت عَن النَّمط التَّقليدي، وأصبَحت طَويلة اللِّسان -بأدبٍ جَم- وَاضحة البيَان، تَصلُ إلَى كُلِّ الإدَارَات، وتَقتَحم القَرَارَات..!
ثُمَّ جَاء «قينان» إلَى جَريدة «الشرق»، فجَعلها مِثل ذَلك المَولود الذي «جَاء يَطلّ وغَلَبَ الكُلّ»، وكَأنَّ قَدَر «قينان» الصَّحفي أن يَكون ذَلك المُقَاول المُمتَاز؛ الذي يُعِدُّ ويُجهِّز ويُنشئ المسَاكن؛ ثُمَّ لا يَسكن فِيها، أو هو ذَلك المُدرِّب الذي يُعِدُّ اللاعبين ويُقدِّمهم للفَريق؛ مِن غير أن يَظهر في الصّورة..!
إنَّني في هَذا المَقال أكتُب عَن «قينان» الصَّديق والإعلامي؛ بَعد أن صَار خَالياً مِن كُلِّ مهنَة؛ إلَّا مهنة حُبّ النَّاس لَه.. أكتُب عَن «قينان»، وأَشْهَد شَهادة لله ثُمَّ للتَّاريخ؛ بأنَّه» إعلَامي رَائِع، وصَحفي نَاجِح، ومُوَاطن صَادق في حُبّه ووَلائه..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: لقد عَملتُ مَع «قينان» لفَترةٍ مِن الزَّمن، وإن كَان لي مِن أُمنية قَبل أن أموت؛ فهي أن أعمَل مَعه مرَّة ثَانية، لأستفيد مِن حسّه الإعلَامي ومهنيّته العَالية..!
أقول هَذا وأنَا أحتَرم كُلّ الإعلَاميين، قَائلاً لَهم: أنتُم رَائعون، ولَكن لَيس فِيكم مَن يُشبه «قينان»، لذلك أقول بكُلِّ شَاعرية:
لِلنَّاسِ قَيْنٌ وَلِلإِعْلاَمِ قَيْنَان
وَكُلُّ فَنٍّ لَهُ نَهْجٌ وَإِنْسَان!
تويتر: Arfaj1
[email]Arfaj555@yahoo.com[/email]
[/B]