إعلان دولة الكويت السيطرة على تحرك ونشاط إخواني بالقبض على خلية إرهابية تابعة لهذه الجماعة يؤكد أن المعركة الفكرية والأمنية مستمرة مع التنظيم الذي لا يزال يحشد خلاياه النائمة التي تنشط تحت الأرض رغم المعالجات الكثيرة التي تستهدف الحد من أنشطة التنظيم في العديد من الدول بعد أن ثبت خطره على الأمن الوطني والإقليمي والدولي.
الخلية الإرهابية التي ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين في مصر تتكون من أعضاء صدرت في حقهم أحكام بالسجن تصل إلى 15 سنة من محاكم مصرية، وهروبهم إلى الكويت لم يكن لينجيهم من تنفيذ تلك الأحكام؛ لأنهم لو كانوا يحترمون القانون والقضاء ويؤمنون بفكرة الدولة الوطنية وليس أوهام الخلافة لما انتموا أولا لهذا التنظيم، ثم لم يهربوا من مواجهة استحقاقات قانونية يفترض احترامهم لها.
والسؤال البدهي في حالة هذه الخلية هو لماذا هرب أعضاؤها إلى الكويت ولم يهربوا إلى قطر أو تركيا؟ ولو افترضنا استحالة توجههم مباشرة إلى هاتين الدولتين فلا يمكن تصور مرورهم من الأجهزة الأمنية إلا إذا ارتدوا طاقية الإخفاء، إذن المنطقي هو حصولهم على مساعدة من الداخل تجعلهم يعبرون «ترانزيت» وبالتالي وجود مزيد من الخلايا النائمة التي تساعد بعضها باعتبار أن التنظيم الدولي يحتفظ ببعض قدراته في التواصل والاتصال التنظيمي الذي يخارج الإرهابيين ويساعدهم على الفرار.
هذه الواقعة تؤكد ظلامية التنظيم في فكره وعمله ونشاطه، فهم لا يعملون إلا في الظلام، ما يعني تلقائيا وجود جيوش من الظلاميين الذين يتخفون في أوساطنا الاجتماعية، وبهذا الوضع لا يمكن بالطبع التشكيك في أي حد يخالف التوجهات الوطنية أو يضمر تعاطفا نسبيا مع الجماعة؛ لأنهم في الواقع أحرص من أن يظهروا ذلك، ولكن لا بد من اتباع مسارات فكرية لاستكشاف الأعضاء الذين يضمرون ولاءهم للمرشد والجماعة على حساب الأوطان والمجتمعات، ويمكنهم أن يمارسوا أنشطة إرهابية تحت أي مسوغات فقهية من وحي شياطينهم.
في الواقع لا يهرب من مواجهة الحقيقة والاستحقاق القانوني والوطني إلا من يخالف جماعة الوطن الذي تنتمي إليه بحب وصدق وتحترم قيادته القائمة، وهؤلاء لا يفعلون ولا بد أن تظهر من بين أفكارهم أو سلوكياتهم أو أفعالهم ما يخالف احترام الأوطان وقياداتها، وحينها ينكشف الغطاء وتظهر الحقيقة؛ لأن أعضاء جماعة الإخوان ولاؤهم النهائي للمرشد وانتماؤهم للخلافة المزعومة، فمن يظهر لديه تشويش في ولائه وانتمائه تعرفون حينها أنه إخواني إرهابي، وقد يكون هناك معارضون من غير الجماعة ولكن هؤلاء أصدق في إظهار معارضتهم دون تلوّن أو تزييف أو توجهات ونزعات إرهابية يحاولون إخفاءها.
الحصيلة المؤكدة أن أوطاننا ومجتمعاتنا لن تأمن ما لم تتم مجابهة ومواجهة هذا التنظيم الكارثي بكل طاقتنا وقوانا الفكرية والثقافية والدينية والأمنية والسياسية، والاستمرار في حصاره في زاوية ضيقة لا تنشط معها خلايا نائمة أو صاحية، فكل حركة للتنظيم بمثابة مشروع تدمير إرهابي يهدم الكثير من قدرات أوطاننا ومجتمعاتنا ويضعف قواها في التنمية والعمل والإنجاز، فوجود الجماعة يفرز دائما واقعا غير مستقر ومتعارض مع أي أفكار أو برامج للتطور والنمو، وهي بمشروعها الخرب تؤسس لتخلف ورجعية لا تتماشى مع مقتضيات الحداثة وحقوق الأوطان ومجتمعاتها في التطور ومجاراة العصر وتحقيق الأمن والسلام الداخلي، ما يتطلب عملا جماعيا في المحيط الإقليمي ابتداء ثم الدولي لملاحقة عضوية التنظيم وفكره وتحييده تماما على مدى أجيال فتجاربه أخطر من أن يتم التعامل معها في سياق جنائي وحسب وإنما محصلة جهد مشترك فكري وأمني وسياسي.
سكينة المشخص
صحيفة اليوم