وجّه الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسالة إلى القيادة الإيرانية في خطاب أمام (إيباك) قائلاً: “على قادة إيران أن يعلموا أنه ليست لديّ سياسة احتواء بل لديّ سياسة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي”.
هذا الكلام للرئيس الامريكي يضع سقفاً جديداً للسياسة الامريكية، فمنذ عام 2008 تحدث منظرو السياسة الامريكية عن خيارات واشنطن تجاه المشروع النووي الايراني، ومنها ضرب المشروع النووي الايراني عسكرياً أو محاولة تعطيله بالعقوبات الاقتصادية وأخيراً، التعايش مع إيران نووية مثلما حدث مع كوريا الشمالية وقبلها الهند وباكستان. واليوم أعلن اوباما أنه لن يقبل هذه السياسة وهذا معلم مهم في تطوّر سياسة الرئيس الامريكي من ايران.
وحاول الرئيس الامريكي خلال الأسابيع والأيام الماضية صدّ حملة اسرائيلية واسعة تنادي بضرورة استعمال القوّة العسكرية لضرب ايران، وأمام مؤتمر (ايباك) أكد الرئيس الأمريكي “ان من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة حل المسألة دبلوماسياً”.
وأضاف “إن الحل الوحيد الحقيقي لحلّ هذه المشكلة هو تخلي ايران عن السلاح النووي”.
الاختلاف مع إسرائيل
ويعتبر الاسرائيليون أن إيران تملك الآن كل ما تحتاجه لتصنيع سلاح نووي، ويفترضون أن حصول ايران على أطنان كثيرة من اليورانيوم المخصّب بنسبة 3,5% هو خطر داهم، ويقولون إن ايران خطت الخطوة الأهم في عملية التخصيب وهي الخطوة الاولى وتستطيع الآن ان تخصّب بنسبة 20% او 60% او 90% والنسبة الأخيرة هي ما تحتاجه لتصنيع السلاح النووي.
وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يريد أن ينتزع التزاماً من الرئيس الامريكي أبعد من “كل الخيارات على الطاولة” والمفهوم منه هو الالتزام باستعمال القوة، وكان يريد منه في اجتماع البيت الابيض غداً أن يتوصّل معه الى اتفاق حول التوقيت.
ونادى بعض الاسرائيليين بأن الأفضل أن تتمّ الضربة العسكرية على ايران خلال مرحلة صيف هذا عام 2012، بحيث تسبق تجميع ايران كميات كافية من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% او 60%، وخلال الاسابيع الماضية طالب ايضاً زعماء في الكونغرس الامريكي بصيغة مختلفة للسياسة الامريكية، بحيث تتحوّل من “منع ايران من الحصول على السلاح النووي” الى “منع ايران من امتلاك القدرة على تصنيع السلاح النووي”.
خطاب قبل القمة
ويجتمع الرئيس الاميركي باراك اوباما مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الاثنين، وقد رسم الطرفان علانية حدود ما يريدانه، والبون بين الرجلين شاسع، فكلام الرئيس الامريكي أمام مؤتمر ايباك يقطع الطريق أمام دق طبول الحرب ويلتزم فيه الرئيس الامريكي بسياسته المتعددة الأوجه وتقوم على فرض العقوبات والالتزام باستعمال القوّة لو باشرت إيران بتصنيع السلاح النووي وإبقاء باب الحوار مفتوحاً مع طهران.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بعد خطاب أوباما انه أصغى للخطاب ويقدّر ان الرئيس أوباما “كرّر وأكد موقفه بأنه لا يمكن أن يسمح لإيران تطوير أسلحة نووية وبأن جميع الخيارات مفتوحة في هذا الصدد”، وأشار نتنياهو الى انه يقدّر ايضاح اوباما “بأن الاحتواء لا يعتبر خياراً”.
ومن الملاحظ أن أوباما ونتنياهو سيدليان بتصريحات للصحافيين قبل أن يعقدا اجتماعهما في البيت الابيض، وربما تكون هذه الصيغة أفضل حلّ عملي لمنع الطرفين من إظهار خلافاتهما أمام الملأ، فصور نتنياهو وهو يلقي محاضرة طويلة على الرئيس الامريكي في المكتب البيضاوي من الممكن ان تتكرر ولا يريد الطرفين تكرارها.
السلام المعلّق
وسيكون موضوع السلام في الشرق الاوسط أحد المواضيع في قمة اوباما نتنياهو، لكن فرص التوصّل الى أي اعلان جدّي شبه غائبة، فالرئيس الامريكي دعا في خطاب ايباك الى عدم الاستسلام أمام المصاعب واعتبر ان التغييرات في المنطقة هي حافز على التوصل الى السلام وليس العكس لكنه ربط السلام بضمان أمن اسرائيل.
أما رئيس الوزراء الاسرائيلي فمهّد للقاء أوباما خلال الاسابيع الماضية برفض التخلي او وقف الاستيطان وأكد ان الجيش الاسرائيلي فقط هو المخوّل بضمان أمن اسرائيل وبالتالي لن يقبل بإخلاء القواعد العسكرية في الضفة الغربية.
وربما السبب الوحيد لعودة الطرفين الامريكي والاسرائيلي الى التفاوض مع الفلسطينيين هو ان يتمكن الفلسطينيون من قلب المعادلات.