انسحب معارضون يقاتلون للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد من مدينة دير الزور في شرق سوريا اليوم الثلاثاء في مواجهة هجوم شرس للجيش السوري في أحدث انتكاسة لقوات المعارضة. وقالت مصادر في المعارضة ان القوات الحكومية قصفت مناطق سكنية أيضا في مدينتي حماة وحمص وبلدة الرستن القريبة مما اسفر عن مقتل عشرة على الاقل وقتل جندي في هجوم على نقطة تفتيش تابعة للجيش في الجنوب.
وأجبرت القوات المعارضة المسلحة تسليحا خفيفا على الانسحاب من مناطق في سوريا في الاسابيع القليلة الماضية واستخدم الجيش المدفعية الثقيلة لملاحقتهم في البلدات والمدن وحقق أحدث انتصار له في بلدة دير الزور التي تقع على الطريق الى العراق. وقال بيان لاتحاد اللجان الثورية بدير الزور ان الدبابات دخلت الاحياء السكنية ولاسيما في المناطق الجنوبية الشرقية من دير الزور وان الجيش السوري الحر انسحب لتفادي وقوع مجزرة بين المدنيين.
وبعد أن سيطر الجيش السوري الحر المعارض على مناطق كبيرة من الاراضي يقول محللون ان المعارضين بدا أنهم يلجأون الى أساليب في اشارة الى هجومين بسيارتين ملغومتين في بلدتين كبيرتين مطلع الاسبوع وتخريب جسر رئيسي. ويواجه الاسد الذي يكافح لاستمرار عائلته في الحكم الذي تولته قبل أكثر من أربعة عقود ضغطا متزايدا من القوى الاجنبية خاصة حليفتها روسيا لفرض هدنات يومية لتمكين المهمات الانسانية. وتتهم قوات الاسد بممارسة التعذيب والاعدام التعسفي في محاولتها لاخماد الانتفاضة لكن منظمة هيومن رايتس ووتش قالت اليوم ان المعارضة المسلحة ارتكبت جرائم خطيرة أيضا.
وقالت سارة ليا ويتسون مديرة الشرق الاوسط في هيومن رايتس ووتش “لا يمكن أن تبرر الاساليب الوحشية للحكومة السورية انتهاكات جماعات المعارضة المسلحة” وذلك في اشارة الى حالات خطف وتعذيب وقتل بدم بارد. وفي مسعى جديد لتشكيل جبهة دولية موحدة في مواجهة الازمة المتصاعدة قدمت فرنسا الى مجلس الامن الدولي بيانا صاغته قوى غربية يندد بالاضطرابات ويؤيد جهود السلام التي يقوم بها كوفي عنان المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا. وقال سفير بريطانيا في الامم المتحدة انه يأمل في اقرار البيان اليوم.
وأفرجت المعارضة السورية عن نعيم خليل عودة العميد الركن بالجيش والذي خطف في حي دوما في دمشق مقابل الافراج عن سجناء وتسليم جثث لمعارضين ومدنيين تحتجزهم الشرطة وذلك حسبما ذكر مصدر من المعارضة مطلع على الاتفاق اليوم. وأضاف المصدر عبر الهاتف من دوما مشيرا الى العميد الركن الذي خطف في الحي الاسبوع الماضي ان نعيم خليل عودة أفرج عنه مقابل الافراج عن عدد من السجناء و14 جثة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا وله اتصالات في جميع أنحاء سوريا ان قصف الجيش أسفر عن قتل سبعة في حمص في وقت مبكر اليوم كما قتل زوجان وابنهما في هجوم قذيفة مورتر ببلدة الرستن القريبة.
وأصبحت حمص مركز الانتفاضة التي بدأت قبل عام في سوريا ضد الاسد وتستهدف القوات الحكومية المدينة بشكل متكرر. ويعتقد أن القوات الحكومية طردت معظم المعارضين المسلحين من حمص. واندلع قتال الى الشمال حول حماة وقالت مصادر في المعارضة ان الدبابات السورية قصفت المدينة في وقت مبكر اليوم في محاولة لاخراج مقاتلي الجيش السوري الحر الذين استمروا في شن الهجمات على الرغم من عمليات الجيش. ولم ينجح الجيش السوري الحر في مضاهاة الاجهزة الامنية للنظام السوري وقال خبراء ان المعارضة يبدو أنها تغير من أساليبها.
وكان 30 على الاقل قتلوا في هجومين بسيارتين ملغومتين في العاصمة دمشق ومدينة حلب مطلع الاسبوع ودمر المعارضون أيضا جسرا للسكك الحديدية يربط بين دمشق ودرعا وفقا لوسائل الاعلام الرسمية السورية. وحذر المحللون منذ وقت طويل من تحول الانتفاضة الى حرب أهلية شاملة تحارب فيها الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد الاغلبية السنية التي تمثل ما يصل الى نحو 75% من تعداد السكان في سوريا وهو 23 مليون شخص.
وتقول الامم المتحدة ان أكثر من ثمانية الاف شخص قتلوا منذ بدء الانتفاضة السورية قبل عام. وتقول الحكومة ان نحو ألفين من أفراد الجيش والشرطة قتلوا أيضا على يد “مجموعات ارهابية مسلحة” ممولة من الخارج. ولا يمكن التحقق من صحة التقارير الواردة من سوريا بشكل مستقل لان السلطات تمنع الجماعات المعنية بالحقوق والصحفيين من دخول المدن. واستخدمت روسيا والصين حق النقض “الفيتو” مرتين لاحباط قرارين ملزمين في مجلس الامن الدولي ينددان بهجوم القوات السورية المستمر على المتظاهرين المعارضين للاسد.
ولن يكون بيان قدمته فرنسا الى مجلس الامن الدولي قرارا رسميا له ثقل قانوني وانما “بيان رئاسي” يكون غير ملزم بشكل عام لكنه لا يزال بحاجة الى دعم بالاجماع. وفي مؤشر على استعداد موسكو لزيادة الضغوط على سوريا أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أمس دعت فيه دمشق والمعارضة المسلحة الى الموافقة “دون تأخير على وقف يومي (للقتال) للاغراض الانسانية”. ورفضت سوريا من قبل مثل هذا الطلب وقالت ان القتال لن يتوقف الا عندما يضع المعارضون أسلحتهم.