تناولت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية في تقرير مطول لها، الإصلاحات الواسعة التي شرعت المملكة في إجرائها خلال السنوات الماضية في قطاعها الصحي، إما عن طريق تحسين الخدمات الطبية أو تغيير المفاهيم لدى السعوديين من بينها النظرة للقطاع الصحي وتغيير العادات الاستهلاكية التي تضر بالصحة على سبيل أن الوقاية خير من العلاج.
ففي قسم الطوارئ المشغول طوال الوقت بتقديم خدماته للمرضى بمدينة الملك سعود الطبية بالرياض، يُكافح الأطباء لدمج غرف العلاج؛ لتقديم الخدمات العلاجية للذكور والإناث. بحسب الصحيفة.
والمجمع التي تقول الصحيفة إنه يضم أقدم مستشفى في العاصمة، الشميسي، هو واحد من عدد قليل من المؤسسات التي تحافظ على الفصل بين الجنسين في منشآتها، ورغم ذلك يحاول مديرو المجمع عملياته كجزء من إعادة تنظيم أوسع للرعاية الصحية في المملكة التي تعمل ضد الانقسامات الاجتماعية العميقة في البلاد.
ويقول أحد الأطباء بالمجمع إن الأسر التي تأتي للعلاج هنا لا تحب أن تكون مفصولة في المستشفى؛ ولكن محاولات إنهاء الفصل بين الجنسين قوبلت بمقاومة شديدة ممن وصفهم بالمحافظين.
وذكرت الصحيفة أن مرضى سوف يحظون قريبا بمزيد من التغييرات الجذرية التي شرعت المملكة في تنفيذها؛ لإصلاح قطاع الرعاية الصحية من خلال برنامج يهدف لتقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية وتحسين الصحة العامة وإضافة المزيد من المواطنين لقطاع العمل.
ولفتت الصحيفة إلى أن ميزانية الصحة والشؤون الاجتماعية في البلاد تستهلك خُمس الإنفاق الحكومي، مشيرة إلى أن انتشار فيروس كورونا الذي تمكنت المملكة من السيطرة عليه في الوقت الحاضر يواصل استنزاف الموارد.
وبالرغم من ذلك، يقول محللون، إن الكفاية لنظام الرعاية الصحية أن نصف الخدمات فقط هي التي قيد الاستخدام وذلك لوجود تراخٍ كبير بحسب شركة ماكنزي للاستشارات.
ونقلت عن خالد الفالح وزير الصحة، الرئيس السابق لشركة أرامكو السعودية قوله، إن معدل الانفاق السنوي على قطاع الصحة في حدود 45 بليون دولار، وفى طريقه للزيادة؛ حيث نتطلع لمزيد من الكفاءة.
وأوضحت الصحيفة أن وزارة الصحة تعمل على نموذج تمويل جديد بعيدًا عن التمويل الحكومي، وبدأ ذلك عبر تحويل نظام التأمين الصحي للعاملين بالدولة إلى نموذج مثل نظرائهم الذين يعملون بالقطاع الخاص.
كما تدرس الحكومة- أيضا- استخدام النظام الضريبي لتخفيف العبء على خزائن الدولة، كما تحاول تعديل سلوك المواطنين في المناطق التي تدهورت فيها المؤشرات الصحية، رغم ارتفاع معدلات متوسط أعمار مواطنيها، حيث شهدت المملكة زيادة حادة في عدد المصابين بأمراض القلب والسكري في السنوات الأخيرة كما أن معدل السمنة هو ضعف نظيره في الدول المتقدمة.
ونقلت الصحيفة عن الفالح قوله، “نأمل في تفريغ العبء على ميزانية الدولة من خلال فرض ضرائب على السجائر والمشروبات الغازية والوجبات الخفيفة، مضيفا أن التأمين على السيارات والضرائب الإضافية يمكن أن يساعد على تمويل علاج حوادث السيارات؛ حيث شهدت المملكة 7661 حالة وفاة على الطرق السريعة في عام 2013.
وأردفت الصحيفة أن الحكومة تسعى- أيضا- لزيادة عدد السعوديين العاملين بقطاع الرعاية الصحية كجزء من مبادرة أوسع لتعزيز مهارات المواطنين وتنويع مصادر الاقتصاد؛ حيث تشير شركة ماكنزي للاستشارات إلى أن 1 من 3 يعملون في قطاع الصحة من السعوديين، كما يشكل الأجانب 82 % من الاطباء، 74 % من الممرضات، في حين تحتاج المملكة 7000 ممرضة سنويا فإنها تخرج 812 ممرضة سعودية في عام 2014.
ولملء تلك الفجوة في القطاع تعمل الحكومة على تحسين نوعية التعليم، وعمل حملات إعلامية لتغيير العديد من العادات والأفكار الاجتماعية لحث السعوديين على الانخراط في القطاع الصحي الذي ظل منبوذا اجتماعيا، كما تسعى لتدريب 100 ألف ممرضة خلال السنوات الـ15 المقبلة.